شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة logo الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)
shape
درس في الجمعة مع بلوغ المرام
8430 مشاهدة print word pdf
line-top
ترك الالتفات في الصلاة


باب الحث على الخشوع في الصلاة. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: نهى رسول الله ...


لهذا الخشوع في الصلاة هو الإقبال عليها، وعدم الالتفات بالقلب أو الالتفات بالبصر. وقد مدح الله تعالى الذين يخشعون في صلواتهم؛ يعني يقبلون عليها قال الله تعالى: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ الخشوع هو سكون الجوارح وسكون البصر وسكون الأعضاء؛ لأن هذا أدل على الاهتمام بالصلاة، وهو من تمامها ومن أسباب قبولها. فينهى عن كل شيء ينافي هذا الخشوع، وينافي هذا الإقبال.
كل شيء يشوش على المصلي ويصرفه عن الإقبال على صلاته -ينهى عنه، وذلك الذي نهي عنه قد يبطل صلاته إبطالا كليا وقد ينقصها؛ فمن ذلك الالتفات في الصلاة. ورد النهي عنه؛ سئل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الالتفات في الصلاة، فقال: هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد الاختلاس أخذ الشيء بخفية وحين الغفلة، والمختلس الذي يأخذ الشيء من المتاع إذا غفل صاحبه ولا يشعر به. إذا كنت مثلا عند تجارتك أو سلعك، وانشغلت بشيء من الحالات، واهتبل غفلتك إنسان، وأخفى شيئا من هذا المتاع وذهب به، وأنت ما تفطنت له يسمى هذا مختلسا.
فشبه تنقيص الصلاة بالاختلاس، وأن الشيطان هو الذي يحرص على تنقيص الصلاة، فيوسوس للإنسان المصلي عن صلاته حتى يلتفت فتنقص صلاته. وقد اختلف في الالتفات هنا، قال بعضهم: هو التفات البصر، وقيل: هو الالتفات بالقلب، وكلاهما منقص للصلاة. الالتفات بالقلب هو حديث القلب، حديث النفس، وإن كان قد يغلب على الإنسان، يتغلب عليه ولا يقبل على صلاته؛ لكثرة الواردات التي تتوارد عليه، والتي هي الوساوس التي لا يسلم منها إلا القليل، هذا يسمى التفات القلب.
التفات البصر كذلك أيضا كونه مثلا يميل بوجهه فينظر من هذه الجهة، وينظر من هذه الجهة. نظره أيضا قد يشوش عليه، ولا يحصل منه الإقبال الكامل على صلاته؛ بل يحصل منه شرود الذهن، والصدود عن الإقبال على الصلاة، وكثرة التحدث، حديث النفس بمن شاهده أو من رآه؛ فيكون هذا هو الاختلاس؛ أن الشيطان اختلس من صلاته فزين إليه أن يلتفت، فالتفت فرأى إنسانا فحدث نفسه بذلك الإنسان. أو رأى امرأة أو رأى حيوانا أو رأى جمادا، ولما رآه لا شك أنه سينتقل حديث قلبه إلى ذلك الإنسان غالبا. هذا هو السبب في النهي عن الالتفات.
وقد ورد في حديث آخر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله يقبل على العبد إذا كبر في صلاته ما لم يلتفت فإذا التفت أعرض عنه ؛ يعني أنه إذا كان مقبلا على صلاته منشغلا بها فإنه يكتسب أن الله تعالى يقبل عليه؛ فيكون في ذلك إسعاد له، وفيه أيضا سبب في قبول صلاته وزيادته أجر المصلي وكثرة الثواب التي يترتب عليها؛ فهذا معنى الإقبال على الصلاة.
وأما الالتفات فإذا كان التفاتا بالوجه فإنه لا يبطل الصلاة ولكن ينقصها، وإن كان التفاتا بالجسم بحيث التفت بصدره إلى جهة أخرى فإنها تبطل؛ وذلك لأنه ترك الإقبال عليها، وترك استقبال القبلة في جزء من صلاته فتبطل؛ يؤمر بأن يعيدها إذا انحرف عن القبلة. فالحاصل أن المصلي مأمور بأن يقبل على صلاته إقبالا كاملا حتى يكتب له أجره كاملا.

line-bottom